
بداية الطريق… دعاء القلب الصادق: تأملات د. محمد مصطفى في آية تُلهمنا في كل خطوة
متابعة : مريم عوض
في عالم مضطرب لا يخلو من التحديات اليومية والضغوط المتصاعدة، قد يجد الإنسان نفسه بحاجة إلى ما هو أبعد من الحلول التقليدية أو الدعم النفسي وحده، بل بحاجة إلى نورٍ يهديه، وقوةٍ تسنده، وسكينةٍ تزرع في قلبه الثبات… وهذا ما أشار إليه الدكتور محمد مصطفى، أخصائي الصحة النفسية والتخاطب، في منشوره الروحي العميق تحت عنوان # لمحة_تدبر، والذي حمل تأملًا بديعًا لآية من القرآن الكريم:
“وقل ربي أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً”.
هذه الآية القرآنية، كما أشار د. مصطفى، ليست فقط دعاءً عابرًا نتلوه عند اتخاذ قرار مهم، بل هي دعامة روحية تضعنا في حضرة الثقة بالله في كل خطوات الحياة، مهما بدت صغيرة أو مصيرية. فهي توجيه إلهي يجعل من الدعاء قوةً نفسية، وطمأنينة عقلية، ومرجعية وجدانية نحتاجها في كل “إقدام” و”إدبار”.
بين علم النفس وهدى السماء
وفي تقاطع نادر بين العلم والدين، بين الصحة النفسية والإيمان، يقدم د. محمد مصطفى طرحًا يلامس جوهر العلاج النفسي من منظور شمولي. فالدعاء، من منظور الصحة النفسية، ليس فقط وسيلة للتعبير عن الضعف أو الحاجة، بل هو تفريغ عاطفي، واستسلام واعٍ لقوة عليا يثق بها الفرد، مما ينعكس على مشاعره وأفكاره وقراراته.
يشير د. مصطفى في كلماته إلى أن حياتنا اليومية ما هي إلا سلسلة من “المدخلات والمخرجات” النفسية والوجدانية، بداية من استيقاظنا صباحًا وحتى تعاملاتنا مع من حولنا، وما تحمله هذه اللحظات من احتمالات النجاح أو الفشل، الفرح أو الألم، السكينة أو القلق. وفي كل ذلك، لا نجد سلاحًا أقوى من هذا الدعاء القرآني الذي يجمع بين النية الصادقة والتوكل الكامل على الله.
الأسوة الحسنة… من السيرة إلى الواقع
وما يزيد من عمق هذا التدبر، هو ربطه بالسيرة النبوية، حين أورد د. مصطفى أن النبي محمد ﷺ تلا هذه الآية في أصعب لحظات حياته، عند خروجه من مكة متوجهًا إلى المدينة، ليبدأ مرحلة جديدة محاطة بالغموض والتحديات. ومع ذلك، لم يكن يحمل سوى هذا الدعاء… سلاح اليقين.
فهذه الآية، في جوهرها، ليست مجرد طلب حسن الدخول والخروج من موقف ما، بل هي منهج حياة في مواجهة كل تحوّل، وكل انتقال، وكل مرحلة جديدة – من قرارات العمل، إلى العلاقات، إلى العلاج من أزمة نفسية، إلى الشفاء من الحيرة.
بين طمأنينة الإيمان والصلابة النفسية
في عالم الصحة النفسية، يسعى كثير من المختصين لإيصال الناس إلى حالة من الاستقرار النفسي والمرونة العاطفية. إلا أن د. محمد مصطفى، بخبرته ووعيه العميق، يعيد تعريف هذه الحالة على ضوء التدبر القرآني، إذ يرى أن الاستقرار الحقيقي يبدأ من لحظة إدراكنا أننا لسنا وحدنا في خضم هذا العالم، بل نملك دعاءً صادقًا، نبعًا روحيًا لا ينضب.
ويضيف ضمنيًا في منشوره أن الإنسان حين يبدأ يومه بهذه الآية، فكأنما يضع خارطة طريق خالية من الفوضى، مليئة بالسكينة، ومفعمة بالإيمان بأن الله هو المدبر، والمعين، والنصير.
في الختام… هي رحلة لا تنتهي
يختم الدكتور محمد مصطفى منشوره بعبارة: # هي_رحلة_لا_تنتهي، وكأنه يُذَكِّر كل من يقرأ، أن الحياة بكل تقلباتها ليست نهاية في حد ذاتها، بل هي سلسلة من المحاولات، والقرارات، والتغيرات… كل منها يحتاج إلى “مدخل صدق” و”مخرج صدق”.
هي رحلة تبدأ من القلب، من الدعاء، من الثقة بأن الله لن يتركك وحدك في منتصف الطريق.
بهذا الطرح العميق، استطاع د. محمد مصطفى أن يمزج ببراعة بين الروح والعقل، بين العلم والإيمان، ليمنح متابعيه جرعة نفسية وروحية قد تغيّر طريقة نظرهم إلى الحياة… ولعل في ترديد تلك الآية كل صباح، بداية حقيقية نحو التغيير.
بداية الطريق… دعاء القلب الصادق: تأملات د. محمد مصطفى في آية تُلهمنا في كل خطوة